"السكوت ليس خياراً".. العفو الدولية تحذر من تراجع خطر للحريات في تنزانيا
"السكوت ليس خياراً".. العفو الدولية تحذر من تراجع خطر للحريات في تنزانيا
نددت منظمة العفو الدولية، الاثنين، بتفاقم ما وصفته بـ"الانتهاكات المنهجية" لحقوق الإنسان في تنزانيا، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في التاسع والعشرين من أكتوبر المقبل، والتي استُبعدت منها قوى المعارضة الرئيسية، ما أثار مخاوف بشأن نزاهة العملية الديمقراطية في البلاد.
كانت الرئيسة سامية صولحو حسن قد حظيت في بداية عهدها بإشادات محلية ودولية، بعدما خففت القيود الصارمة التي فرضها سلفها الراحل جون ماغوفولي، المعروف بنهجه الاستبدادي، لكن هذه الصورة سرعان ما تبددت مع تزايد تقارير المنظمات الحقوقية عن ممارسات قمعية، طالت شخصيات معارضة وناشطين وصحفيين، وسط تضييق على الحريات العامة في تنزانيا وفق فرانس برس.
اختطاف وتعذيب وإعدامات
في تقرير مؤلف من ثلاثين صفحة، وثّقت منظمة العفو الدولية ما وصفته بانتهاكات واسعة النطاق بين يناير 2024 وأكتوبر 2025، شملت حالات إخفاء قسري واعتقالات تعسفية وتعذيب، فضلاً على إعدامات خارج نطاق القضاء، وأجرت المنظمة مقابلات مع 43 شخصاً، من بينهم ضحايا وشهود وأقارب ومحامون وناشطون، كما حللت أدلة مرئية ومنشورات رقمية لدعم نتائجها.
من أبرز الحوادث التي رصدها التقرير اختطاف القيادي المعارض علي محمد كيباو، البالغ 69 عاماً، من العاصمة الاقتصادية دار السلام في أكتوبر 2024، قبل العثور على جثته مشوهة قرب ساحل المحيط الهندي بعد تعذيبه بالحمض الكاوي، وعلى الرغم من فتح تحقيق رسمي، لم تُعلن السلطات عن أي نتائج حتى الآن، ما عدّته المنظمة دليلاً على غياب المحاسبة.
اختفاءات وقيود رقمية
كما أشار التقرير إلى اختفاء شاب يعمل في صناعة المحتوى الرقمي يبلغ 24 عاماً، واعتقال العشرات في تجمعات سياسية مختلفة، وأكدت المنظمة فرض قيود على منصات التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل "جامي فورمز" وإكس، التي ستظل محظورة خلال فترة الانتخابات، ما يعمق عزلة الأصوات المعارضة.
تتهم المعارضة التنزانية الحكومة باستغلال القوانين الانتخابية لاستبعاد منافسيها فقد حُرم حزب تشاديما، أكبر أحزاب المعارضة، من المشاركة في الانتخابات لرفضه التوقيع على مدونة قواعد السلوك الانتخابي، فيما أُلقي القبض على زعيمه توندو ليسو في أبريل الماضي بتهمة "الخيانة" التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، كما أُقصي المرشح الرئاسي لوهاغا مبينا من حزب أكت وازاليندو من سباق الرئاسة.
قوانين تقوّض الديمقراطية
قال المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في شرق إفريقيا وجنوبها تيغيري شاغوتا: إن تصاعد القمع ضد المجتمع المدني يجري "من دون محاسبة"، مشيراً إلى أن القوانين الغامضة والفضفاضة تُستخدم بشكل انتقائي لقمع المشاركة السياسية وتقويض المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
شهدت تنزانيا خلال السنوات الأخيرة تحولات سياسية حادة بين الانفتاح النسبي والتضييق على الحريات، وبعد وفاة الرئيس جون ماغوفولي عام 2021، تولت سامية صولحو حسن السلطة وسط آمال بإصلاحات ديمقراطية أوسع، إلا أن مراقبين يرون أن المسار عاد إلى الوراء مع اقتراب انتخابات 2025، التي تُعد اختباراً حاسماً لمستقبل التعددية السياسية في البلاد، ويخشى مراقبون أن يؤدي استمرار القمع إلى تفاقم التوترات وتهديد الاستقرار في واحدة من أكثر دول شرق إفريقيا تأثيراً.











